مصياف التي في خاطري

مصياف التي في خاطري
و”التين ِ والزيتون ِ” في البلدِ الأمْينْ
والقلعةُ  الثُكلى  بغُصّاتِ  السنْينْ(1)
والمشهدُ   العالي   مـلاذٌ    يصطَفي
من  جوهرِ  الوجـدانِ  تاجاً من يقْينْ
والعاصفُ   الحاني  دَواءٌ  لم   يَزلْ
يخُفي   عَلينا   مُنعِـمًا  سِرًاiiدفيـْنْ
بالقـبرِ   تَطـوي    مؤمـناً    طيـّاتُه
من  كانَ يبني في غدي عزَاً حصيْنْ
بالشيبِ  في  السـمراءِ  يهفوiلونُه
في الغُربةِ الحمقاءِ  مكلوماً  حـزيْنْ
أقسمتُ،، مـا  أقسمتُ  أني  عاشقٌ
للموطنِ   المزدانِ   زيتوناً iوتـيْنْ
والقلبُ   يبكي   لوعةً  في iغربةٍ
طـالتْ  بها الأشواقُ واشتدَّ الحنيْنْ
للسـورِ  كالقُدمـوسِ  يحـكي عزَنَّا
في النائباتِ جــوارحٌ  لا تَستَكيْنْ(2)
للكَرمِ  في  أشجارِهِ  بوحُ  الصِـبا
فالكَرمُ في مصيافِنا روضٌ سكيْنْ(3)
للنبع فـي”الحَلماتِ”يَهطُــلُ حالما
والأنـسُ في أجوائِهِ سـحرٌ مبـيـْنْ(4)
“بالشـارع  القِـبليٌ” يأتي  ذكــرَهُ
عنـدَ التأَّسي من خطوطٍ في الجبيْنْ(5)
“ورَّاقَةٌ” كانـــت تُظـللُ  عشـقَـنـا
كمْ بُحَّ  فيها من لحـاظِ  لعاشــــقيْنْ(6)
اللهُ.. يا مصــيافُ كمْ جُـنَّ الهـوى
واهتاجَ  كالإعصارِ في  القلبِ الحزيْنْ
اللهُ.. يا أُمّــاً تـنـاغــيiطِــفــلــهـا
للصـدرِ يـأتي  عـائـداً لو بـعـدَ  حيْــنْ
مصيافُ.. يا أُمـاهُ قد طــالَ الجفـا
واســتُدَّ  عُــمـرٌ  ظــامِـئٌ  للطـاهِـرينْ
كيفَ   التصـبـُّرُ  يا بيانَ  هويتي
عن عِطركِ الـمنثورِ من عَرَقِ الجبيْنْ
حسَّانُ يا ولدي وجوهَرُ خاطري
أوصيكَ  بالجسَدِ   المـعَـفَّـر  بالحنـيْنْ
لا تبقه  طولَ  الزمـانِ  مُـغَـرَّبـاً
عـن  صــدرِ  أُمٍ  تاقَـهُ  توقُ  الضنيْنْ
فالجِسْمُ شُكِّلَ من عناصِرِ أرضِنا
والروحُ  مـن  ربٍ   تعـالى  باليـقـيْـنْ
فالحَقُ  كلُ  الحَــقِ أن تهفـو لها
أجسادنا  بالتوقِ  والحبِ  المَكيْـنْ(7)
الأرضُ   أمٌ  قد  تلمَّسَ  فـضلَها
من  أدركَ  الإدْثارَ  في  ماءٍ   وطيـْنْ
حسبي من الجسدِ المسجَّى والهوى
أن يلتَقي  بالعـشقِ روضَ الصالحيْنْ
والصـالـحـونَ  الـعـالـمـونَ  بـيارِقٌ
قـد أودَعوا  مصيـافَهُم عـِلماً  ثمـيـْنْ
طـلابُ علـمٍ  قد  صَفَـوْا  بإمامِهــم
الأحمدُ الـمرضيُ مـن ربٍّ وديْـنْ(8)
جابوا  بآفــاقِ  العلــومِ  رســائـلاً
بالحـقِ تلهَـجُ في ديارِ العالَـميـْنْ(9)
العلـمُ  لـو  أَفُـلَـت  فضـائِلُ  نُورِهِ
تلقاهُ  في  مصيافَ مخبوءاً  دفـيـنْ
طــهَ  ومـنصــورٌ  وضــوَّا  أهلُنا
والحافِظون لإرْثِهم وبَنُو حُسيْنْ(10)
مُكِروا  بفضلِ  الله  عِلْمَ  رسـالةٍ
وهويةٍ”واللهُ خيرُ الماكريْنْ”(11) (12)
وسَعَت  اليهم  تَرتَوي  بعلومِهِم
أقـوامُ  عطشى من جمـوعِ الظامئيْنْ
قولوا  لهاماتِ  الجبالِ  تشـرفـاً
الـمشـرَئِبةِ  في  ســـماءِ  الطـيـبـيْنْ
إني من المصـيافِ طفـلٌ لم يَزُلْ
في  طورِ حبوٍ يشتهي  ثديَ الحنيْنْ
وبأنني لم أَسْـلُ  عن  مُرِّ الحـيا
ةِ بفــقدِها في جَني  غثٍّ  أو سميْنْ
عَقـدانِ  يا زَمنَ  الضياعِ  تبـدَّدا
للرزقِ أسعى في صحاري المُنعَميْنْ(13)
والـرزقُ بعضٌ  قد تغمَّـسَ زادَه
بالـوحشــةِ  الحيـرى  ويُتْــمِ  الــوالِدِيْــنْ
سُفُّوا الترابَ  ولا تعيشوا مِحْنَةً
في  الوجدِ  تكوي  في  ضلوعِ الضائعيْنْ
فالرزقُ  في أعتابِنا  قد  قُدِّرت
آيــاتــُه   مـن    عندِ    ربِّ   الـرازقيـْنْ
قَــدْرٌ  حكـيــمٌ  خُــزِّنَـت  حبَّاتُه
للآتـيـاتِ   بعـــمــرِنــا   رُغــمَ  الضنـيْنْ
السعيُ   محمودٌ  بمنهجِ  دينِنا
لكنَّه    في    الهجر    ِدَيْنُ   الطـامحيْنْ
يا طائراً صوبَ الشموخِ ببلدتي
بلـِّغ  ذُرَاها  غـايـتـي    حـيـناً    بحـيْـنْ
عبِئ بصدرِكَ ما استطعت أريجَها
مـن سنديـانٍ  مترفٍ  ألِقٍ  رصيْنْ(14)
واذهب إلى  الحجلِ المرقَّطِ، دارُهُ
في السهلِ والوديانِ والجبلِ الحصيْنْ(15)
واجمع  أهازيجَ  التمنِّي   والوَفا
مـن أغنـياتِ  الزارعيْـنْ الحاصديـْنْ(16)
واســمع “لقبلانٍ” يرنِّمُ  صَــوتَه
للمؤمِـناتِ   بــهـدأةٍ  والمـؤمـنـيــْنْ(17)
وابحث  بحبٍ عن  سطوحِ منازلٍ
وأزقَّـــةٍ  ومـــلاعــــبٍ  للــغـائــبــيْـــــنْ
وارجِع لِغصنٍ  قد أقمتُ  فــروعَهُ
في القـلبِ مـن شُــغُفٍ ومن وجـعٍ دفـيْنْ
فاروِ  له  بالمسْهَبَاتِ  شــــواهداً
عــن روضـَةٍ  أعــطيـتُـها عـهـداً  أمـيْـنْ
والعهدُ  أن  يبقى  الوِدادُ   موثقا
ما بـين  لحـمي  والـثــرى  والصالحيْنْ
لهْفي  على  ابــن  يُضَـــيِّعُ  أمّــهُ
والأمُّ تســـكنُ  في  بـــريـق  المقـلـتيْنْ
مصيافُ  جِلدٌ   ترتَديه  ضُلوعُنا
والروحُ   تدفأُ  تـحتَه  دفءَ   الحنـيْنْ
فإذا خلعــتَ الجِلــدَ عن جَسَدٍ بَدَا
مُتَعرِياً   مسـتوحِشاً  كالمارقـيْـنْ(18)

 

الهوامش..

(1)الآية رقم “1” سورة التين

(2)القدموس : الصخرة الشماء

(3)الكرم : البستان الجبلي المزروع بأشجار العنب والزيتون

(4)الحلمات : هي مكان اسمه الحُليمات ..عرف عنه الجمال الطبيعي الفريد

(5)الشارع القبلي : هو شارع كان الشباب يتنزهون عليه قبل الغروب

(6)الورَّاقة : هي متنزه باسق الأشجار مجهز لاستقبال المتنزهين .

(7)المكين : صاحب المكانة والحظوة

(8)طلاب علم : إشارة إلى إخوان الصفا الذين كتبوا رسائلهم فيها

(9)رسائلاً : إشارة لرسائل إخوان الصفا التي اعتبرت من أمهات الكتب العربية والإسلامية

(10)اسماء لبعض الأعلام العلمية المعاصرة في مصياف

(11)مُكروا : اصطبغوا..تخضبوا

(12)الآية رقم54 من سورة آل عمران – و30 من سورة الأنفال

(13)عقدان : إشارة إلى 20 سنة هي زمن الغربة عند كتابة القصيدة في عام 1995 .

(14)السنديان : شجر بري مشهور بصلابته تشتهر به البلدة

(15)الحجل : طائر جميل تشتهر به مصياف

(16)أهازيج التمني : الموروث الشعبي في الغناء

(17)قبلان : اسم عائلة مؤذن رخيم الصوت

(18)المارقين : الخارجين على الدين

هذه المقالة كُتبت في التصنيف وجدانية. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *